دفاع هش وهجوم بلا أنياب.. كوابيس رينارد تطارد السعودية في الملحق

 

يواجه الفرنسي هيرفي رينارد، مدرب المنتخب السعودي، تحديًا لا يحتمل الخطأ في 180 دقيقة حاسمة ضمن الملحق الآسيوي المؤهل لنهائيات كأس العالم 2026، التي ستقام في الولايات المتحدة، وكندا، والمكسيك.

رينارد ليس مجرد مدرب للمنتخب السعودي، بل هو حامل لتطلعات وأحلام أكثر من 35 مليون مواطن يترقبون رؤية "الأخضر" في المونديال.

مواجهتان حاسمتان

ويستعد المنتخب السعودي لخوض مواجهتين فاصلتين في الملحق الآسيوي أمام إندونيسيا والعراق.

ويتطلع رينارد، المدرب الخبير، إلى قيادة "الأخضر" للتأهل إلى المونديال بأداء مميز يعكس أفضل صورة للفريق، مع تقليل الأخطاء إلى أدنى حد ممكن.

ورغم التفاؤل المبني على الأفضلية التاريخية للمنتخب السعودي أمام منافسيه، إلا أن القلق يظل قائمًا بسبب سلبيات واضحة في أداء الفريق خلال الفترة الأخيرة.

هذه السلبيات بدأت في عهد المدرب السابق روبرتو مانشيني واستمرت مع رينارد، أو ظهرت بوضوح في النتائج التي لم ترقَ إلى مستوى التطلعات مؤخرًا.

دفاع هش

اضطر رينارد إلى الاعتماد على لاعبين محليين دون نجوم الهلال في بطولة كأس كونكاكاف الذهبية، بسبب مشاركة "الزعيم" في كأس العالم للأندية.

وشكّل ذلك اختبارًا حقيقيًا لقدرات رينارد في إيجاد بدائل مناسبة لتعويض الغيابات.

لكن هذا الاختبار لم يكن سهلاً، حيث استدعى رينارد المدافع المخضرم عبدالله مادو من الاتفاق، إلى جانب عبد الإله العمري وحسن كادش كعناصر ذات خبرة، غير أن إصابة كادش زادت من تعقيد الوضع.

ظلت مشكلة عمق الدفاع حاضرة بقوة، سواء في كأس كونكاكاف الذهبية، حيث وصل المنتخب السعودي إلى دور الثمانية "بشق الأنفس" قبل الخسارة أمام المكسيك، أو خلال تصفيات كأس العالم، وبالأخص الهزيمة أمام أستراليا التي كشفت عن ثغرات واضحة في الخط الخلفي.

ويتعثر الدفاع السعودي أمام التمريرات السريعة والضغط المكثف من المنافسين، وهي واحدة من أبرز السلبيات التي لم ينجح رينارد في إيجاد حلول عملية لها حتى الآن.

وباستثناء مباراة اليابان في طوكيو، التي انتهت بالتعادل السلبي بفضل دفاع محكم طوال 90 دقيقة، أظهرت مباريات أخرى هشاشة الدفاع وسوء التعامل في العديد من المواقف.

وتعرض بعض اللاعبين، مثل علي البليهي، لانتقادات بسبب ضعف التغطية الدفاعية، لكنه خرج من حسابات رينارد مؤخرًا.

وتُعد البدائل مثل حسان تمبكتي، وسعد آل موسى، ومحمد سليمان –القادر على اللعب في أكثر من مركز– وجهاد ذكري، خيارات أكثر ثباتًا.

هذه العناصر قد تمنح المنتخب فرصة تحقيق التوازن الدفاعي وتجنب أخطاء الماضي، خاصة أن المنتخب الإندونيسي يتميز بسرعة تحركات لاعبيه الهجومية والضغط العددي من الأمام.

كذلك يعتمد المنتخب العراقي على القوة البدنية والتفوق في الكرات العرضية، مما يفرض واجبات خاصة على المدافعين السعوديين.

هجوم بلا أنياب

وإذا نجح رينارد في معالجة أزمة الدفاع، فإن الشق الهجومي لن يكون أقل أهمية.

وتضم قائمة المنتخب 9 لاعبين هجوميين: مروان الصحفي، وسالم الدوسري، ومهند آل سعد، وعبد الرحمن العبود، وصالح أبو الشامات، وأيمن يحيى، وعبد الله الحمدان، وصالح الشهري، وفراس البريكان.

لكن الأهم من العدد وتنوع الخيارات هو تحقيق شكل هجومي أكثر فاعلية وإيجابية على مرمى المنافسين.

تظهر إحدى أبرز السلبيات في غياب التأثير الهجومي للمنتخب، مع الاعتماد المفرط على القدرات الفردية لبعض اللاعبين.

ويزداد الوضع سوءًا إذا اعتمد "الأخضر" على القائد سالم الدوسري كرئة هجومية وحيدة، ما يجعل الفريق عرضة للتراجع الهجومي في حال تعرضه للرقابة اللصيقة من المنافسين.

كما يعاني الهجوم من ضعف الربط مع خط الوسط، رغم وجود صانعي لعب مميزين مثل مصعب الجوير، وناصر الدوسري، ومحمد كنو.

ويتعين على المنتخب تسهيل الوصول إلى مرمى المنافسين من خلال استغلال الفرص بشكل أفضل.

ومع الاعتراف بغياب رأس حربة هداف منذ سنوات على غرار سامي الجابر، وياسر القحطاني، وناصر الشمراني، أو محمد السهلاوي، فإن وجود لاعبين مثل صالح الشهري وفراس البريكان يمنح أملًا بتحسين الأداء الهجومي، بشرط نجاح رينارد في استعادة أفضل مستوياتهما.

رينارد يملك المقومات

ورغم التحديات، تظل قدرة هيرفي رينارد على تطوير الأداء وتوحيد الفريق ميزة أساسية.

ويتمتع المدرب الفرنسي بالقدرة على بناء فريق منسجم يقاتل بروح واحدة، مما يساعد على تعويض بعض السلبيات مؤقتًا.

ويبرز حديثه التحفيزي الشهير للاعبين بين شوطي مباراة الأرجنتين في كأس العالم 2022 كدليل على قدرته على قلب الموازين برسالة تحفيزية استثنائية.

ويُعد رينارد من أبرز المدربين الذين تركوا بصمة واضحة في الكرة السعودية خلال فترة قيادته للمنتخب.

ويتميز أسلوبه بالانضباط التكتيكي والجرأة في مواجهة المنتخبات الكبرى، كما أظهر ذلك في الفوز التاريخي على الأرجنتين في مونديال 2022.

ورغم بعض الملاحظات، يبقى رينارد من أنجح المدربين الذين مروا على المنتخب السعودي في السنوات الأخيرة.

واستطاع أن يزرع شخصية قوية وانضباطًا ذهنيًا داخل الفريق، ورفع سقف الطموحات الجماهيرية من خلال أداء تنافسي مشرف.

وترك بصمة واضحة في أسلوب لعب "الأخضر"، القائم على الشجاعة، الانضباط، والقدرة على مواجهة الكبار بثقة واستقرار تكتيكي.


إرسال تعليق

أحدث أقدم